هذا الصباح خطفتني أجواء مقاطع الفديو من على برنامج اليوتيوب وانا أبحث على شي يناغم مشاعري , وحالة من التفاوت العاطفي تنتابُني حتى كادت تتمرد على عقلي , وسط هذه الفوضى النفسية صحوتُ على رقم لـ (158/ مليون) مشاهدة لمقطع فديو لأُغنية تعود للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان (مشاعر) , هذا الرقم الكبير أصابني بالدهشة ..!
وأبقاني واقفاً دقيقة صمتٍ لتعزية نفسي لدرجة الإحباط التي أستشعرتها وأنا أقارن نسبة المشاهدات المتدنية لمقاطع الفديو ذات المحتوى العلمي والمعرفي , والتي لايكاد أن يُعد له رقم أمام ملايين المشاهدات للموسيقى والغناء .
ففي ظل الصراعات الداخلية النفسية للأنسان لا سيما العربي منهم , يظهر جلياً تغلب العاطفة على قوى العقل البشري بشكل كبير , حيث يلجأ الإنسان العربي بأشباع عاطفته بصورة فورية عن طريق الغريزة و الموسيقى والغناء , ويهدر جل وقته ويستنزف أغلب طاقته الأبداعية بتلك الوسائل بعيداً عن مركز العقل , وهذا مايظهر بشكل واضح على مواقع التواصل الأجتماعي وغيرها من برامج الأتصال , لذلك وجب علينا أن نُفهم عاطفتنا بالتمسك بالمعايير العقلية حتى نتجنب خيبات وصدمات الحياة وما تحمله من تقلبات , وبهذا الصدد يشير المستشار الأجتماعي عبد الرحمن القراش بقوله ( أن تفهم طبيعة عاطفتك وعاطفة غيرك وفق المعايير المنطقية أمر في غاية الأهمية في كل علاقة , فالحب يدرك بين الناس بأمرين هما العاطفة تقود العقل أو العقل يقود العاطفة)) ، فحضارة الأنسان وتكامله وتأريخ الأمم لاتُصنع بأغنية لاتدوم نشوتها سوى بضعة دقائق , كما لايفوتنا أن نشير وبعيداً عن نظرية المؤامرة , حول أنغماس الشاب العربي بعالم الميوعة! والغناء والغرائز , وغياب مفاهيم النضال والإستقلال والفكر والثقافة ، كل هذا يتزامن مع الهيمنة الأمريكية والغربية على عالم الأتصال وبرامج الأنترنت ؛ ومن وجهة نظري أراه نذير شؤم و ناقوس خطر لضياع الأمه وأندثار حضارتها وتأريخها , مالم تتدارك نواة المجتمع الأسرة وعقلاء القوم وعلماءها ومثقفيها مسؤولية التيه الذي نعيشه اليوم .
بقلم / عامر حامد
0 التعليقات