العراق أصبح معتاد أن يكون لوحة رسم يتفنن فيه تجار الحروب في رسم القتل والخراب ويستخدمون في هذه اللوحة أبشع أدواتهم، لم تمر سوى فترة قليلة أعلن فيها العراق إنتهاء حربه ضد داعش خلفت الآف القتلى والجرحى والأيتام ومحافظات مدمرة وقبور ممتلئة بأجساد طاهرة، لم تنقظي تلك الأوجاع إلى الأن ، ومع تصاعد لغة التهديد بين أميركا وأيران تتصاعد معها حدة التصريحات من بعض الشخصيات في العراق لإعلان مواقفهم من تلك الأزمة التي قد تنتهي بحرب طاحنة وطويلة ومستنزفة ، وما يتبين لنا من السياسة الإيرانية لا تود في إيجاد حلول سلمية مع أميركا ولم تتواصل مع سويسرا التي هي الطرف الوسيط في حل الأزمة، وأميركا أيضا تواصل في إمداد قاعداتها بالبوارج والمقاتلات الحربية الجوية وأحدث الصواريخ، أميركا هي تتخذ إتفاقية النووية ورقة ضغط مبطنة لإيقاف والحد من النفوذ الإيراني المهيمن على أجزاء واسعة من الشرق الأوسط من بينها اليمن وسوريا ولبنان و"العراق" ، نعم العراق هو الطمع الأكبر لدى أكبر قوى العالم في الهيمنة عليه.
نحاول العودة إلى أدراج الزمان ومنذ فترة الإحتلال ، عندما تم تقسيم الحكم في العراق على أساس المحاصصة والتوجهات وكلنا على يقين أن طرفي الحرب لديهم جهات سياسية تمثلهم في الحكومة العراقية ، وهنا يتوضح لنا من خلال تصريحاتهم والتعبير عن مواقفهم من الأزمة الإيرانية _الأميركية منهم من يود الوقوف مع هذا الطرف ومنهم مع ذاك الطرف ومنهم من يدعو للوقوف إلى طرف الحياد، ما جنته أميركا من المحاصصة هو إنقسام الموقف السياسي في العراق دون التعبير عن موقف واحد يعبر عن مصلحة البلد ، هكذا تنجح أميركا ، أيران كذالك نجحت في تصدير ثورتها في العراق وأعتبارها ليست فقط جارة بل هي جمهورية إسلامية تعبر عن عقيدة يجب الدفاع عنها ، هذا المبدأ جعل لإيران ثقل كبير في العراق لما تمتلك من جهات مسلحة ومجاميع تستبسل في الدفاع عن أيران ، الحرب إذا حلت ستكون حرب إستنزاف طويلة لإختلاف النمط الحربي العسكري للطرفين حيث أن حروب إيران كان الإعتماد على السواتر البشرية وكثافة أعداد المقاتلين بأرقام كبيرة حتى وإن كان تجهيز السلاح من نوع رديئ الا أن لغة الأرقام مهمة بالنسبة لإيران ، أما أميركا لا تود الخسارات البشرية وهذا واضح من خلال إستعراضاتها بالتكنلوجيا الحديثة للمقاتلات والأسلحة والبارجات والصواريخ ، أما جغرافية الحرب في العراق ستكون أقل من اليمن ولبنان وسوريا ، توضح لنا أن المحافظات الغربية ومنها الأنبار و نينوى وصلاح الدين حيث جس نبض ذالك الشارع عندما نشر خبر مزيف عن أحد الشخصيات الدينية يعبر عن موقفه الداعم للطرف الإيراني و كانت ردود الأفعال غاضبة لا يودون في الدخول كطرف لأنهم مازالوا يعانون من ويلات حرب داعش ، وأيضا وجود القواعد الأميركية في المحافظات الغربية هي نقطة إنطلاق وليست نقطة دفاع ، أما شمال العراق فهو بعيد كل البعد عن ملامح الصراع بإعتبارها مركز قوة أميركية حيث يتواجد فيه المستشارون والجنرالات والقواعد الأميركية ، حتما وللأسف إن الموقعة ستكون من الفرات الأوسط حتى أخر نقطة من جنوب العراق بإعتبارها محادية للحدود الإيرانية وماتمتلكه إيران من نفوذ في تلك المناطق على الرغم من المعارضة التي وجهها الكثير من الشخصيات هناك في عدم الدخول كطرف في هذا الصراع الا أن هنالك عدد كبير يمتلكون قناعة في ظرورة الدفاع عن إيران بإعتبارها دولة جارة لابد مؤازرتها ومساعدتها في دعم الإقتصاد رغم العقوبات المفروضة عليهم .
هذا ما لا نتتمناه أن يدخل أهلنا في صراع لا جدوى له في العراق ويجب على الحكومة إستخدام دبلوماسية الوسيط والتوصل إلى حل يرضي الطرفين ، ولا يجعل هذا البلد في خانة الحرب من خلال تأجيج الشارع المتعب من كاهل الحروب السابقة ، هذه المرحلة صعبة وحرجة وفيها يتبين ذكاء القيادة الرشيدة والحكيمة في إخراج البلد من عنق زجاجة الصراع. لكن هل هي حرب أم وهم ؟ هل غاياتهم لم يحققوها للأن؟
إستفهامات تحتاج إجابة . هل ستجيب عنها الأيام؟
--------------------------------------------------
محمد الناصري
2019/5/18

0 التعليقات